*فجأة يظهرلك شخص من العدم قادر يمتص كل القلق قادر يشوفك الكون في عينيه.*
بعد أن أنهَت عملِها بالمستشفىٰ وصلت مملكتهُما، كانت جالسةً تُفكر فيما سيتحادثون اليوم، ثم قالت في نفسِها: "إزاي هنتكلم أصلًا وهو زعلان مني بعد خناقة امبارح، بس هو الغلطان، لأ مش غلطان هو بس بيغير ويخاف عليا."
ثم وقفت صارخةً: "أيوة كدا، أنا أعمل مقلب أو أهزر معاه وهو بإذن الله يُفك كدا ويتكلم عادي معايا ويبقىٰ فريش وفرافيش."
جلست لتستمع إلىٰ مسلسها التركي المفضل التي لا تسأم منه قط: "العهد." كانت الساعة قاربت الثامنة مساءًا.
هي: "طيب أكتبله مثلًا رسالة ورقية، ولا هدية بسيطة وكيك شوكلاتة علشان عجبه آخر مرة عملته فيها، و... "
قطع حبل أفكارها صوت المفاتيح، انسحبت في هدوء واختبئت تحت السرير كالطفلة.
هو حاملًا ورود حمراء اللون مناديًا عليها: "قلب النكدوووو."
بدون رد...
أعادها مرة أخرىٰ بصوت عالٍ ولم يتلقىٰ ردًا، بحث عنها بداخل الشقة ولم يجدها، أمسك بهاتفه ثم طلب رقمها بسرعة وبالفعل تملؤه الحيرة أين هي الآن؟ لا يُعقل أنها لم تعُد بعد؟! لم يتلقىٰ ردًا علىٰ الهاتف أيضًا، تذكر شجار الأمس الذي دار بينهما ممّ جعلها تبكي وتردد بأنها سترحل لكي يسترِح، خفق قلبه خوفًا لوهلةٍ وهو يردد في نفسه:
"ده كلام أهبل يعني، هتكون راحت فين؟!"
ثم وجدها بكل هدوء ظهرت أمامه مبتسمة ببراءة، لَم يفكر في أي شيء حتَّىٰ احتضنها بقوةٍ، لعلّها تمتص منه القلق التي سببته له، ظلّ قرابة الدقيقتين لا يتحرك فقط مُتشبت بها.
هي بخوفٍ عليه: "مالك يا نكدوو؟!"
ردّ عليها بعد أن ابتعد قليلًا عنها: "مابترديش عليا ده كله ليه ها؟!"
هي بُحزنٍ: "طيب أنا أسفة، ممكن ماتزعلش، والله كنت بهزر معاك علشان نتصالِح، مش قصدي تقلق للدرجة دي."
هو بحزن: "كنت فاكر إنك مشيتِ وسبتيني."
ردّت عليه بصدمة من جملتهِ: "أسيبك؟! أنت عبيط؟ هل أنت عبيط؟! هو إيه اللي أسيبك دي صلِّ عالنبي كدا يا نكدوو."
هو بخبث: "يعني مش هتسيبيني أبدًا أبدًا؟!"
نظرت له بتساؤل قائلةً: "اممم، هتتخانق معايا وتنكد عليا؟!"
نظر لعينيها ردًا عليها: "مانكرش إن ده بيحصل، بس مانكرش برده إني بحاول والله مازعلكيش، بس أوقات بيبقىٰ غصب عني، وبعدين جايبلِك الورد اللي بتحبيه علشان أصالحِك، تعملي فيا كدا؟! "
هي بضحكة خفيفة: "بعيدًا عن إنك بتصالحني معظم المرات اللي بنتخانق فيها، وأوقات أنا بصالحك برده بس لأ مش هسيبك، بس ماتزعلنيش كتير ها، ها!"
هو: "سيد عيب إحنا أهل."
ضحكا معًا بصوتٍ عالٍ، ثُم أمسك يديها وقبلهما برقةٍ،
سحبت يداها بسرعة قائلةً بدون وعي: " يمّااا. "
هو بضحكة من كسوفها:
"نعم!"
هي لكي تهرب من الموقف: "آه صح تعال عايزاك في موضوع مهم أوي."
هو بضحكة هادية: "طيب ما نأجله دلوقتي وأقعدي شويه معايا، عوضي الوقت اللي كنتِ بتهزري فيه وخضتيني."
هي بهروب: "آه والله هنقعد، بس الموضوع الأول."
هو بهدوء: "اتفضلي يا ستي."
هي بجدية: "عايزة أخرج ده أولًا، ثانيًا هنروح فرح بكره."
رد عليها بثقة: "كنت متوقع والله."
هي بطريقة طفولية: "علشان خاطري، علشان خاطري."
هو: "أفكر!"
هي بحُزن مصطنع: "لأ والله، أنا كنت تعبانة ونعسانة والله، بس قولت هستناك علشان أقولك علىٰ موضوع الفرح ده مع إني عارفه إنك هتوافق بس هتناقشني كعادتك."
هو بضحكة علىٰ طريقتها: "عايزة تروحي فين ياللي مطلعة عيني؟"
هي بضحكة بانت غمازتها فيها: "قصدك نور عينيك، المهم نروح محل البيتزا الجديد اللي جبتلنا منه الأسبوع اللي فات، وتشتريلي ورد تاني تصالحني بيه، وأسشورلك شعرك بس تقعد ساكت."
هو بصدمة مصطنعة: "طيب ما أنا جايبلِك بوكيه ورد أهو، وبعدين استني بس، أنا بقعد ساكت علىٰ فكرة."
هي بنظرة خبيثة: "هحاول أصدق والمرة دي هحرقك بجد بسبب أي حركة منك."
هو بصدمة: "أهون عليكِ؟!"
هي بتنهيدة: "أقعد ساكت ومحترم والنبي علشان أخلص شعرك علىٰ طول بكره وما نتأخرش علىٰ الفرح."
هو برخامة: "خلاص هقعد ساكت، بس إيه بقا موضوع الفرح ده؟ يعني فرح مين!"
هي بعفوية: "إيه بس! ده فرح واحد صحبي في الشغل.."
ردّ بهدوء وهو بيحاول أن يمسك انفعاله: "صاحبي إيه؟!"
هي بهدوء: "خلاص براحتك، بس أنا كنت عايزة أقولك إنه عازمك معايا ومُصِر تحضر الفرح معايا."
هو بغيرة وبصوت هادئ: "وهو يعرفني منين أصلًا؟!"
هي: "جايز علشان اتكلمت عنك قبل كدا."
بصلها ورد عليها بحنيّة: "هنروح امتىٰ؟"
ردّت بفرحةٍ من موافقته حاولت أن تخفيها: "بكره، عالساعة 6 كدا."
هو وقد لاحظ فرحتها: "هتلبسي إيه؟ وعلشان ماتتعبيش نفسِك الفستان اللي في دماغِك مش هتلبسيه، أنا بقولِك أهو مش هيتلبِس."
هي ردًا عليه بسرعة: "علشان خاطري والله كويس وواسع كمان، علشان خاطري، أنت بتتلكِك علشان مانروحش يا عم."
هو: "والله لأ، بس الفستان ضيق شوية من علىٰ دراعِك."
هي بثقة: "بطّل هزار بقا ما الخمار بيداري دراعي، وافق بقا، مع إني عارفة السبب الحقيقي بس استحي أقول."
هو بضحكة أخفاها منها: "إيه السبب؟"
وقفت بطريقة تمثيلية ونظرت له: "احم، علشان ببقىٰ حلوة فيه بزيادة فيه."
نظر لها بضحكة فيها غموض قائلًا: "طيب ما أنتِ شطورة وعارفة أهو، بلاش هو بقا."
نظرت له ببراءة قائلةً: "علشان خاطري والنبي، علشان خاطري."
نظر لها قائلًا: "لأ مش هضعف....، طيب هوافق أمّا تختاريلي طقم لايق مع فستانِك وبلاش الكعب، البسي الكوتش اللي زي كوتشي، وتسشوريلي شعري."
هي بفرحة احتضنته: "وهنرقص سلو كتير يا أحن نكدوو في الكون كله."
قاطعها: "نسيت أقولِك حاجة! وحشتيني وبحبك."
نظرت إليه بعدما ابتعدت عنه قليلًا وقد احمرّت وجنتاها من الكسوف ثُم نطقت: "أنا هروح أنام بقا."
هو: "طيب والخروجة؟ يابنتي استني بس والله عايز أقعد معاكِ شوية، شويتين كتير يعني."
هي بعد تفكير لم يستكمل نصف دقيقة: "أقولك سيبك من خروجة النهاردة، تعال نسمع التليفزيون وخليك معايا للممات."
هو بنبرة هادية: "لأ، إذا كان كدا تعالي بقا نقعد ونحكي للصبح، ونرقص، بقولِك إيه؟ تيجي نرقص دلوقتي؟!"
هي بضحكةٍ خفيفة: "هات إيدك، وشغّل... "
قاطعها: "حاضر، الموسيقىٰ تبع العهد."
ضحكت بخفةٍ قائلةً له: "لأ، أنا آه بحبها أوي فوق ما تتخيل، بس تعال نغيّر الموضوع النهاردة، إيه رأيك نشغّل أغنية لعمرو دياب؟!"
نظر لها وضحك بخفة ظل لعدم موافقته عن اختيارها لأسم الهضبة لأنه لا يحب أغانيه ولم يستمع إليه كثيرًا.
كانت قد فهمت المقصد، ولكنها ابتسمت له وتجاهلته،
ثُم تعالت أغنية "وماله لو ليلة توهنا بعيد وسيبنا كل الناس، ده أنا يا حبيبي حاسس بحب كبير ماليني ده الاحساس وأنا هنا جمبي أغلىٰ الناس، أنا جمبي أحلىٰ الناااس، حبيبي ليلة تعالىٰ ننسىٰ فيها اللي راح، تعال جوه حضني وارتاح، دي ليلة تسوىٰ كل اللي فات."
لم تنتبه إليه حتَّىٰ احتضنها ليمتص منها كل القلق الذي بداخلِها، كانت مائلةً علىٰ صدره فيما ردّد لها في أذنها اليمنىٰ: "أنا كمان ماقدرش أسيبِك ولا أستغنىٰ مهما حصل بينا، أنتِ مني وأنا منكِ."
رفعت عينيها مباشرة إلىٰ عينيه قائلةً: "وإيه تاني يا نكدووو؟"
قبّل جبينها قائلًا: "وبحبك يا قلب النكدووو، يا اللي حركتي ثباتي ولغيتي سكوتي."
0 تعليقات
اكتب تعليقا لنكمل مسيرتنا وندعم المزيد.