«قيمة الوقت»
الوقت من أعظم الكنوز في الحياة، ويجب عدم تركه ينهدر وأنت ثابت في نفس موضعك، يُعتبر الوقت أهم ما في حياة الإنسان، حتى إنَّه أثمن وأغلى من المال، ولِعِظَم الوقت وأهميته فقد أقسم الله -سبحانه وتعالى- به في كتابه الكريم في مواضع عدَّة منها قال تعالى: {وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}(١) وهنا جاء القسم بالعصر (الدَّهر) وقال تعالى في موضع آخر: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}(٢) يجب على كل إنسان الحث على قيمة الوقت، كل يوم، وكل دقيقة، بل وكل ثانية تمر كان يمكن عمل إنجاز بها لولا هدر الإنسان لوقته، ويوجد الكثير والكثير من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة التي تدل على عظمة قيمة الوقت، فمِنَ السنة النبوية الشريفة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس، الصحة والفراغ"(٣)وهذا يدل على أنَّ الوقت يجب عدم هدره في اللاشيء؛ لأنه ثروة عظيمة لا يشعر بها إلا من فقدها، يجب على كل إنسان الاستشعار بقيمة الوقت، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل يعظه: (اِغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هِرَمِك، وصِحَّتَك قبل سِقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك) ومن هذا نستنتج أنَّه يجب وبكل حذر عدم التخلِّي وترك أي ثانية واحدة تمر بدون اغتنام لها في أى عمل نافع؛ لأن وجود الوقت يمثل ثروة عظيمة، يجب اغتنام الوقت في كل ما هو مفيد لك، أهمية الوقت مقترنة بحقيقة لا ينكرها أحد وهي الموت، فبحلول الموت ينفذ الوقت لفعل الطاعات، قال الله تعالى: {وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ. وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: 10-11] والآية الكريمة تُبيِّن خطر تأخير التوبة والتسويف، والاستعداد للرحيل، وتُبيِّن فضل الصَدَقة وعظم أثرها، وهذا حث لكل مسلم على المسارعة بالصدقة، والمساهمة في تحقيقها بكل السبل، والتعاون مع المسلمين على ذلك، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- "أنت لا تسأل متى تموت، ولا أين تموت؛ لأن هذا أمر لا يحتاج إلى سؤال، فهو أمر مفروغ منه ولا بد أن يكون، ومهما طالت بك الدنيا فكأنما بقيت يومًا واحدًا بل كما قال الله تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات:46] لكن السؤال الذي يجب أن يَرِد على النَّفس ويجب أن يكون لديك جواب عليه هو: على أي حال تموت؟!" ويقول سنيكا: "نحن جميعًا نشكو من قصر الوقت، ومع ذلك فإن لدينا منه أكثر مما نعرف ماذا نفعل به، فنحن دومًا نشكو من أنَّ الأيام قليلة، ونتصرف كما لو أنَّها بلا نهاية" لذلك يحتاج الإنسان إلى التفكير بشكلٍ واعٍ في كيفية استخدام الوقت، واستغلال المهارات التي تغير نمط حياته ضمن دائرة الوقت المتاح، وهذا كله سينعكس عليه بالنجاح والتفوق، اِغتنام الوقت يكون بأشكال كثيرة ومختلفة، لكن أعظم سبيل لاغتنام الوقت هو ذكر الله تعالى، وهي أيسر عبادة يستطيع المسلم ملازمتها في كل وقت، ولا يشترط لمن يذكر الله تعالى أن يكون على وضوء، وهي عبادة ليست مقترنة بمكان أو زمان، وأجورها تغيِّر حال المسلم في الدنيا والآخرة، يقول الله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152] وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: "ليس في الأعمال شيء يسع الأوقات كلها مثل الذكر، وهو مجال خصب وسهل لا يكلف المسلم مالًا ولا جهدًا، وقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد أصحابه فقال له: لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله" [ الترمذي:3375 ] وهذا يحث على قيمة اغتنام الوقت.
(وفي النهاية، جاهدوا على عدم إهدار الوقت؛ فهو كنز كبير لا يُقدَّر بثمن).
0 تعليقات
اكتب تعليقا لنكمل مسيرتنا وندعم المزيد.