تعاني الكثير من الدول العربية من صراعات الدول المغتصبة لهم، الدول التي قد قامت باختراق حياة جميع من يتواجد بهذه الدول، اليوم سأتحدث عن إحدى مشاكل هذه الدول ألا وهي النزاع الدولي في ليبيا.
أولًا سأبدأ بتقرير أحد الباحثين الأمريكين، حيث قال «الهجوم المفاجئ الذي قام به حفتر على طرابلس هو في الواقع عملية نهب أراد أن ينفِّذها شخص يطمح إلى أن يحتكر السلطة لنفسه».
هذا ما كتبه الباحث الأمريكي (فريدريك ويري) في تقرير نشره مركز كارنيجي تعليقاً على هجوم حفتر على طرابلس، الذي جرى في شهر أبريل الماضي، ويمضي الباحث فيصف الهجوم بأنه محـاولة انقلاب على السلطة التى أدت إلى الكارثة الإنسانية التي تسبَّب بها الهجوم.
وبالرغم من أن الهجوم الذي قام به حفتر تم بمساعدة جهات إقليمية وبرعاية فرنسية تريد زيادة نفـوذها في المنطقة وفرض أجندتها ووضع أيديها على الثروة الليبية؛ إلا أن هذا الهجوم حتى الآن لم يؤتِ ثماره، وهو ما استلزم نوعًا جديدًا من التـدخل الدولي فجرى استدعاء روسيا، وهو الأمر الذي أثار الولايات المتحدة.
الدوائر الثلاث المتداخلة لفهم الوضع في ليبيا
الـدائرة الأولى: تتعلـق بالداخـل الليبي من جماعات وميليشيات ومناطق.
الدائرة الثانية: خاصة بالصراع الإقليمي وما يرتبط بالربيع العربي والثورات المضادة أو الصراع على غاز ونفط شرق المتوسط.
الدائرة الثالثة: وهي الصراع الدولي والتداخل الأوروبي الروسي الأمريكي.
ليبيا والإستراتيجية الأمريكية
تتمثل الأهداف الإستراتيجية الأمريكية في العالم في ثلاثة أهداف:
-الثروة
-الدين
-القوة
الأسباب الجوهرية التى تعطي ليبيا هذه القيمة الاستراتيجية
1- موقع ليبيا:تقع في شمال أفريقيا، يحدها البحر المتوسط من الشمال، ومصر شرقًا، والسودان في الجنوب الشرقي، وتشاد والنيجر في الجنوب، والجزائر وتونس في الغرب، وهى رابع دولة إفريقية فى حجم المساحة، ورقم 17 فى المساحة عالميًا.
2- دول الجوار: الساحل الليبي هو نقطة الجذب الأساسية للغزاة على مر التاريخ، فمنذ العصر البرونزى أقام فيه «الفينيقيون» مراكز تجارية، واهتم به الحكام الفرس والمصريون والإغريق والإسبان والإيطاليون، جميعهم يرون فى الموقع الليبي الممتد برًا وبحرًا مركز تهديد لأمن شمال إفريقيا وجنوبها، ودول الساحل الأفريقي وجنوب أوروبا.
3- ثروات النفط والغاز: ليبيا لديها إحتياطى نفط بلغ 41 مليار برميل، وتنتج قبل إيقاف الضخ 2 مليون برميل يوميًا، وبكل تأكيد كان هذا من أهم أسباب هذا الصراع، وأمـريكا يهمهـا اسـتمرار إمدادات النفط الليبي لضمان استقرار سعر النفط العالمي؛ خاصة بعد الحصار الذي تفرضه على إيران وتأثُّر بعـض دول المنطقة المنتجة للنفط بالحروب الموجودة... كل ذلك يجعل احتمالية نقص المعروض في السوق النفطية وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة.
4- النفط الليبي من النوع الجيد، تكلفة البرميل فيه أقل من دولار أمريكي واحد، يسهل تصديره من منصات الجنوب والشمال بسهولة، وقريب من كبار المستهلكين فى جنوب ووسط أوروبا.
5- هناك ثروات من نقد وذهب غير معلومة من زمن نظام حكم معمر القذافي لا أحد يعلم مكانها بالضبط، لكن يدرك أنها سوف تظهر ويتم استعادتها، تقدر بـ350 مليار دولار على الأقل، يضاف لذلك احتياطى الصندوق السيادى الليبي «يقدر بقرابة 90 مليار دولار» الذى يمكن أن ينتعش، فى حال الاستقرار السياسى والأمنى، إذا بدأت عوائد النفط واستكشاف الغاز الجديد تضر مداخيلها.
6- يوجد فى ليبيا الآن أكثر من 700 ألف مهاجر غير شرعي يرغبون فى الإبحار إلى أوروبا عبر السواحل الليبية، هؤلاء يحتجزون داخل الأراضى الليبية بمطلب أوروبى دولى، لأن في إبحارهم إلى هذه الدول، سوف تحدث هزات وكوارث أمنية ومتاعب سياسية فى ظل اقتصاد أوروبى قوي، وفى زمن سياسي تتولى فيه قوى اليمين الأوروبى مقاليد السلطة ولديها ذلك العداء الفكرى والعنصرى ضد المهاجرين.
7- تضم ليبيا على أراضيها 2 مليون قطعة سلاح غير شرعي، وما لا يقل عن مائة ألف إرهابي محلي من القبائل ومدن التطرف الليبية ومن المجرمين الجنائيين السابقين، يعتمد الحكم الموالي لتركيا «جبهة الوفاق» على خمس ميليشيات يتم الإنفاق عليها من عوائد النفط الموجودة فى البنك المركزى الليبي الواقع تحت سيطرة حكومة «طرابلس».
8- الوجود فى المصالح الإقليمية والدولية يضم كل من:
- تركيا
-قطر
-إيطاليا
-فرنسا
-مصر
-الإمارات
-السعودية
9- روسيا والولايات المتحدة لديهما اهتمام كبير بمستقبل ليبيا، لذلك تسعى كل من شركتي «نوفايفك» الروسية للنفط والغاز و«إكسون موبيل» الأمريكية لمزاحمة «توتال» الفرنسية و«إينى» الإيطالية للحصول على الامتيازات والاستكشافات.
10- منظمات الإرهاب التكفيرى المقاتلة مثل «داعش، جبهة النصرة، القاعدة، الإخوان المسلمين، لواء السلطان مراد، المدعوم والمدرب والمسلح من تركيا»، كما تضم ليبيا أيضًا على أراضيها حوالى 1500 تكفيري مرتزق سوري، وأكثر من خمسة آلاف سوداني من الجنجاويد ومثلهم مرتزقة من النيجر وتشاد، كل ذلك يتم بدعم وتدريب وتسليح كافة القوى المحلية والإقليمية والدولية ذات النفوذ.
هذه الأسباب مجتمعة تجعل من ليبيا مطمع أو كنز استراتيجى وكارثة محتملة للأطراف المتداخلة.
0 تعليقات
اكتب تعليقا لنكمل مسيرتنا وندعم المزيد.