الكاتبة تيماء الرماح"سديم"
أسندَ رأسه إلى الحائط وأطلقَ تنهيدةً حارة.
-إلى متى ستبقى هكذا، إلى متى هذا الفتور؟ لم أعهدكَ هكذا يا فتى؟ أنتَ الذي لم تبلغْ العشرين وبلغت مقاومتك الثمانين.
=بحقِّ الله كفاكِ هُراءً، كلماتكِ أصبحت أسهُمًا تصيب قلبي، تتحدثين وكأنكِ لا تعرفين مدى ألمي، لقد هرمنا يا فتاة، لقد غزى الشيب عقولنا قبل أن يغزو رؤوسنا، أتعرفين ما معنى أن يتزامن ربيع عمرك مع خريف الوطن؟ تبدّل الشباب بالشيب يا رفيقة.
-محمد! أهذا أنت؟ لولا أنني أعرفك جيدًا لأقسمت بأنك لست أنت، أفِق يا فتى، أين من كان يعد نفسه بالكفاح والمقاومة؟ أينَ من كانتْ السماء ترعد وتبرق لوقعِ سطوةِ كلماته؟ أين ذهبت كل أحلامك ووعودك؟
=لقد ذهبت أدراج الرياحِ يا فتاة، فلتَرحميني بحقِّ الرحيم،ِ فلقد سئمتُ الواقع وأحلامي، بالمناسبة ما الذي أتى بكِ على غيرِ موعدٍ كما العادة؟
-فَلنَقل بأن القمر أحسّ بضيق صدركَ فأرسلني، بالمناسبة البارحة كنتُ أبحثُ في سجلّاتِ القمر، ووجدتُ سجلّكَ في الرّفِ الأعلى من الأُفُق.
=ماذا تقصدين بكلامك؟
-حسنًا يا فتى سأشرح لك، سجلاتُ الأُفق تلكَ منحها القمر للمكافحينَ المجاهدين، لمن ضحَّوْا بكل ما لديهم، لمن خانهُم الزمان ولم تخُنهم قواهُم، ومازالوا في عدادِ المقاومين، وهي أعلى مرحلةٍ يمكن لبشريٍّ أن يصلها، هل تريد أن تعرفَ ما كُتِبَ عنكَ مؤخرًا في سجلّك؟
=بالتأكيد، فأحب الأحاديثِ إلى قلبي أحاديثُ القمر.
-حسنًا
•الاسم: محمد(رمز المقاومة).
•العمر: اثنانِ وعشرونَ عامًا من الكفاح والتحدي.
•تعريفٌ موجز: رمزٌ للمناضلةِ والقوة، قويّ العزيمة، ثابت الخطى ولا يهابُ العِدا، رابطُ الجأشِ، سديد الرأي، ملائكي الطبع، وذو صفاتٍ ملكية، أحبُّ الألوانِ إلى قلبه الأسود فهو اللون الملكي، مدهشٌ لحدّ الانبهار، فلقد عجِز قلمُ القمرِ عن وصف شمائله، وحار في ذكرِ فضائله.
-أرأيت يا فتى؟ القمر بحدّ ذاته يصفك برمزِ المقاومةِ، وقلّما يطلق القمر صفةً على أحدٍ إلا إذا تخطى جميعَ مراحلِ القوة ووصل إلى القمة.
=ربّاه ما هذا! أُقسم بمن أحلّ القسم بأنها شهادة عزٍّ وفخر، لقد كُبِّلَ لساني وقُيِّدت كلماتي.
-ضحكت، ثم قالت: فلنتابع إذن.
•لكلّ امرئٍ من اسمه نصيب، أما هو فقد استحوذ على الاسم بأكمله، محمودٌ بين خلقِ الله، طاهر القلب نقيٌّ لم يُدنس، بهيّ الطلة، باسمُ الوجهِ، طَلِق اللسان، فصاحته تُذهِل ذوي الألباب.
=أحقًا تتكلمين أم أنكِ تمزحين؟
-أعندكَ شكٌ في كلامي؟!
=لم أقصِد هذا، ولكنكِ قلتِ كلامًا لا تصدقه العقول.
-هكذا القمر يا رفيق ينتقي أجمل الكلام ويصفك بهِ، إن أثبتَّ جدارتك في امتحانات الحياة، لكلّ منا أسلوبه الخاص في تقييم المواقف، وأتمنى بأن ينال إعجابك هذا المديح.
=ينالَ إعجابي؟ أشعرُ بأن خافقي يكادُ يقِف من وقعِ الكلام، والعظيمِ إنها أعزّ شهادةٍ سمعتها، فلتوصلي سلامي للقمر، وأخبريه بأنني سأكون عند حسنِ ظنّه ولن أخيب أمله.
-هذا بالتحديد ما أردناه يا فتى، القوّة والثبات، سدّد خطاك، أحِثَّ السير إلى حلمك؛ فإنّ القمرَ مناصرك.
=بالتأكيد، وهذا وسام شرفٍ لي، ولكن ألم يحنِ الوقت؟
-وقت ماذا؟
=ربّاه من اللامبالاة، وقت ذكر اسمك.
-ضحكت، ثم قالت: نادِني بفتاة القمر، وعّما قريب ستعرفه.
=حسنًا، يُسرّني ويشرفني معرفته، سأنتظر بفارغ الصبرِ.
-أعانكَ الله يا رفيق، إلى اللقاء.
_________________________
-ما رأيكِ يا فتاة؟ هذه القصة بأكملها، حان دوركِ لتقيّمي هذا الفتى.
=أتعرفين؟ لقد أذهلني كلام القمر عنه، وفي الوقت ذاته أوافق القمر على كل كلمة كتبها فوالله إنه لفتىً جسور، يستحق هذه المكانة وهكذا ترقية.
-كلامك صحيحٌ يا ساحرة القلوب.
-صحيح هل يمكن أن أسألكِ سؤال؟
=تفضلي.
-سبق وأنْ سألتُكِ إياه، ما اسمكِ؟
=حسنًا جهزي نفسك للجلسة القادمة، ستكون مختلفة نوعًا ما يا صديقة، حينها ستعرفين.
-حسنًا، أتمنى أن تمر الأيام بأمانٍ وسلامٍ، ونستبشر خيرًا في لقاءنا القادم.
=بالتأكيد بإذن الله، والآن عليّ الانصراف، أراكِ في موعدِ اكتمال القمر الجديد، وحلقت نحو السماء المزينة بنجومها والقمر.
4 تعليقات
ابدعت يا جميلة❤❤❤
ردحذفتسلمي يا مبدعة توليب💚
حذفابدعت يا جميلتي ارجو الله ان يزيدك من فضلة ❤️❤️❤️
ردحذفسلمت والله💚
حذفاكتب تعليقا لنكمل مسيرتنا وندعم المزيد.