بقلم مريم محمود بندق
ذهبت لكثير من الأطباء النفسيين واستقرت ظروفي على أحدهم وقال لي بأن ما يحدث لي هو نتيجة لضغوطات كنت أعاني منها، فقال احكي لي ما حدث، استرخيت على سرير الطبيب وتحدثت:
"في ليلة كنت سعيدًا أحب ذاتي ومتصالح مع نفسي تمامًا، وزوجًا صالحًا، وكنت أبًا طيبًا وابنًا جيدًا، وصديقًا شجاعًا، ورجلاً محترمًا، عندما أخطأ أعتذر، وعندما أغضب أعتزل، وعندما أشتاق أحضن زوجتي، وعندما أحس بالوحدة أسجد لله شكرًا، وفي يوما ذهبت لبحر مع زوجتي وأولادي وأمي في إجازة الصيف حتى قبل رحيلنا بيوم، أتاني خبر وفاة أعز أصدقائي فذهبت مسرعًا إلي مسقط رأس فأنا صديقه العزيز ولم أتحمل خبر وفاته وكنت أرتجف وأبكي ليس بكاء الرجل عيبًا ولكني كنت أحافظ على توازني فلدي أولاد وزوجه وأم يجب عليّ أن أرعاهم، ودفنته وكانت الدموع على عيني لا أخجل، وأخذت عزائه وذهبت لأجلب أهلي للعودة فانتهت الأجازة،فيجب أن أكون مع أولادي، أخذت ابنتي الصغرة ولعبت معها بالماء فأتى أخوها يشاكسني طامعًا بأن أمرح معه ولكني كنت أنفرط بداخلي على فراق أعز أصدقائي ولكني لم أتحمل وصرخت عليه، ورميت أخته في الماء وذهبت ورائه حتى أعلمه الأدب فقد حذرته عدة مرات ونسيت أمر أخته التي لا تعرف العوم حتى سمعت صوت أمها تصرخ "ابنتي ابنتي تغرق" ذهبت مسرعًا أجلبها ولكن فات الأوان لقد توفت، مات صديقي ثم ابنتي الحبيبة وهجرتني زوجتي بعدما أخذنا العزاء باتهامي أني صرت خطرًا عليهم، ولم تتحمل أمي ما فعلت بي زوجتي في المحاكم كي أطلقها؛ فكانت حب عمري كيف لك أن تفارق عشيقتك محبوبتك، وتوفت أمي في خلال شهرين من موت ابنتي وصديقي، لم أتحمل كل هذه الضغوطات ومع غيابي من العمل تم رفدي بمرتبة الشرف، حسنًا لم يعد لي مأوى ولا شخص أبكي إليه، كنت طفلًا ضعيفًا ومازلت أريد بأن يسمعني أحدهم، لم أجد الرجل المرح من يحب كل من يراه ولم أعد أحب نفسي، فهجرتني روحي تركت جسدًا بلا قوة، لقد خافت مني أيضًا، كنت أذهب لشاطئ كل ليلة أجلس حتى الصباح، أشاهد الشروق والغروب وأسهر مع القمر حتى ينام، وأحكي للشمس مدى حب ابنتي لشروقها وأدعو الله بأن تخرج من الماء سالمة وأن أغمض عيني واستيقظ من كابوسي هذا، قال الدكتور في صمت: لا أعلم أهل يريد أن يبكي على ما حدث لي، لست نبيًا بل أنا إنسانًا وليس لدي صبر أيوب ولا زوجتي في حب زوجة أيوب له وتتتحمل معي كل هذه الصعاب وتساعدني لكي أتخطاها،
لم يستطع الدكتور بأن يفيدني بالقليل من الدواء المهدئ للأعصاب وعدم تعريض نفسي لمشاكل، لم يفهم الدكتور بأني صرت وحشًا لا يبالي ولا يهتم، لا يحن ولا يشتاق، صرت أشتاق لعزرائيل كي أذهب لتسامحني ابنتي وأرى صديقي وأبكي في حضن أمي، وصار قلبي متعبًا مرهقًا ومات وتبقى من الوقت القليل حتى أذهب اليهم"
1 تعليقات
جامده ربنا يوفقك يا رب
ردحذفاكتب تعليقا لنكمل مسيرتنا وندعم المزيد.