المجتمع الجاني - حملة واعي

#صَفـــا أحمَّـد |صُوفِــيّا. 

*_ أكيد عشان اللِ هي لبساه.*

*_ هي السبب.*

*_ هي ليه تخرُج في وقت زي ده؟*

*_ إنتِ مش شايفة شكلها عامل إزاي، أكيد هي اللِ إستفزتُه.*

*_ وهي ليه تمشي في مكان زي ده؟*

*_ هي الغلطانة.*

*_ وهي ليه تنزل من البيت أصلًا؟*

*هي، هي، وهي...*

    وبعيدًا كُل البُعد عن الحياديه، إحنا مش بنتكلم عن مُجتمع ذكوري، أو حتى عن أساليب العُنصرية والتمييز،     القضية أبسط وأخطر من كده، إحنا بنطالب بِـحقوق أي أنسان، بِـ آدمية التعايُش، بِـ إن البنت تمشي في الشارع بِـأمان، تعالوا الأول نقول إيه هوٰ التحرُش؟

    *التحرُش* هو مُضايقة، هو تعدي، هو إنتهاك جسد أو خصوصية أو مشاعر، هو فعل غير مُرحب بِه سواء أكان من النوع النفسي أو الجسدي أو اللفظي.

    *التحرُش* مش مُختصر على نوع أو شكل واحد، في أنواع كتير غير النوع الشائع و المتعارف عليه، هو مش بس "تحرُش جنسي" لأ في تحرُش لفظي، وتحرُش إلكتروني.

    ودول ضحايهُم أكتر لكن إحنا اللِ كُنا مُتغافلين، ده أصلًا في فئة مش قليلة بتتغاضى و "تطنش " التحرُش الجنسي، فَ هل هَيهتموا بِـالتحرُش الإلكتروني، أو هَيلتفتوا للتحرُش اللفظي مثلًا؟!

    لازم في البداية نكون عارفين و واثقين إن التحرُش ملوش أسباب ولا مُبررات، ده فعل شاذ من شخص غير سوي، وإن المُتحرش هوٰ الشخص الوحيد المُلام في الجريمة دي، مش الضحية أبدًا.

    لازم تبقي مُتأكدة إن الموضوع ملوش أي علاقة بِـشَكلِك، أو بِـطريقة لبسِك، أو بِـطبيعة شُغلِك، وإن إنتِ ملكيش أي ذنب في تعرُضك لِـجريمة زي التحرُش، وإن مفيش أي غلط عليكِ ولو بنسبة بسيطة حتى، بل بِـالعكس ده إنتِ الشخص الوحيد المُتضرر والواقع عليه آثار سلبية ونفسية.

    لو كان لبس البنت بيخالف تقاليد المُجتمع تلقائيًا المُعتدي بريء..

    كُون إن لبسك الغير مُحتشم أثار غريزتُه فَ ده شيء إنتِ مش مسؤولة عنُه، لإنه بغض النظر عن اللِ لابسُه الإنسان، مش من حق أي حد إنه يعتدي عليه جسديًا كان أو لفظيًا.

    *التحرُش* جريمة وفعل بشع لكن مش شيء مُخزي، أو عيب أو عار لازم نخبيه، السكوت بِـحجة التستُر عمرُه ما كان ولا هَيكون الحل، المُجتمع مسؤول بنسبة كبيرة عن الجريمة دي، دايمًا بيدافع عن المُتحرش، بيوجدلُه أسباب ومُبررات من اللاشيء، بيُقف ضد البنت ويعنفها ويلومها، بيجبرها إنها تسكُت وتخبي وتتجاوز وتتخطى علشان خايفين من "الفضيحة"، طول الوقت بيدوّر على الدوافع اللِ دفعت المُتحرش إنه يعمل كده، وطول الوقت لازم الدوافع دي تبقى بسببها ومن عندها هيٰ وهيٰ المُذنبة مش البريئة، *ليه دايمًا واقفين جمب الجاني ضد المجني عليه؟ ليه* *بتساعدوا المُجرم مش الضحية ؟!*

    أي شخص بيبرر الجريمة فَ هو مُشارك في الجريمة زي المُعتدي، المُتحرّش اللِ عمل الجريمة ومتعاقبش بسبب هواجس الأهل والمُجتمع هَيعملها تاني ويمكن تتحول لِـ إغتصاب مش تحرُش، التكتُم عن الجريمة هَيشجع أشخاص تانية على فعلها، مُجرد لومَك للبنت دفاع عن المُتحرش، سكوتِك عن التحرُش دعم لِـ المُتحرّش.

    إحنا في إنهيار ديني وأخلاقي وثقافي وإجتماعي، جرائم التحرُش بتزيد كل يوم، عدد الضحايا أصبح لا يحصى ولا يُعد، لكن ده ميمنعش إنه مع كل الجوانب السلبية دي في جانب إيجابي وداعم جدًا، الدولة أكتر شخص مُساند ليكِ إنتِ، والدليل على كده القوانين اللِ قامت بتعديلها لتوسيع نطاق تجريم جرائم العُنف ضد المرأة بأشكالها المُختلفة، وتشديد عُقوبة التحرش الجنسي، والعقوبات المُشددة، *فأصبح..*

*1*- المُتحرش يُعاقب بالسجن من سنتين إلى *أربع سنوات*، ودَفع غرامة حدها الأدنى *100000.*

ولو كان المُتحرش شخص من ذوي السُلطة على الضحية، زي مُدير العمل، أو مسؤول عن الدراسة، أو أحد الأقارب..

*2-* سيُحاكم ويعاقب بالحَبس مدة تصل لِـسَبع سنوات.

ولو جريمة التحرُش حصلت بقصد حصول المُتحرش (الجاني) على منفعة جنسية من الضحية (المجني عليها)..

*3-* سيُعاقب بالسجن مُدة لا تقل عن *خَمس سنوات.*

الموضوع بقى أسهل والقيادات بقت مُهتمة أكتر وتقدري تاخدي حَقِـك.

    *إيه هي الأماكن اللِ مُمكن أتعرض فيها للتحرُش؟*

    أي شخص وكل شخص مُعرض للتحرُش، في أي مكان، سواء أماكن عامة أو خاصة؛ الشوارع، المطاعم، الأسواق التُجارية، الجامعات، المواصلات العامة، أو حتى جُوه البيت وده التحرُش اللِ بيبقى من القرايب أو العيلة.

    *طيب هل المُتحرش مريض نفسي، هل هوٰ مظلوم، هل مُمكن نسامحُه؟!*

    *المُتحرش* مريض آه، لكن مش مريض نفسي، بل مريض في أفكارُه ومعتقداتُه، المُتحرش شخص غير سوي، معندوش القدرة على التعايش وسط البشر والمُجتمع، بيتصرف تصرفات مُخلة بالآداب وخادشة للحياء، شخص غير مسؤول، لا يؤتمن، غير قادر على التحكُم في ذاته وكبح شهواته، المُتحرّش إنسان معدوم الضمير..

    بيهاجم الضحية ويمشي ويكمل طريقُه عادي من دون أي شعور بالذنب، من غير ما يكترث بحجم الكارثة اللِ عملها، وإيه هى الآثار اللِ نتجت عن فعلتُه.

    البنت بعد التحرش بتتعرض لِـ آذى نفسي غير طبيعي، بتتعرض للإكتئاب، للقلق، للصدمة، التوتر الدائم، بإنعدام الشعور بالأمان، مش بس بتفقد ثقتها في اللِ حواليها لأ وفي نفسها كمان، بتكره نفسها وتهينها وتقلل من إحترامها لذاتها، بيحصلها إضطرابات في النوم ومشاكل وكوابيس، بتنعزل عن العالم كلُه، التحرُش بيسيب فيها بصمة جسدية ونفسية.

    *المُتحرش* ده شخص بلا رحمة، إزاي بيبقى عندُه الجرأة إنه يئذي إنسان زيُه بالشكل البشع ده؟ لأ وكمان بيبقى مبسوط وعلى وشه إبتسامة نصر غريبة، كإنه حقق إنجاز مش إرتكب جريمة ! لكن ده يوجهنا لِـسؤال تاني، ألا وهو..المُتحرش ده إيه هو تركيبُه النفسي، إنسان زي ده شخصيتُه إتكونت إزاي وإيه الأُسس اللِ إترسخت في عقلُه؟!

    *طيب الأهم من كل ده، هو بيعمل كده ليه؟*

    علشان يثبت إنه راجل، دافع المُتحرش للتحرش هو الرجولة الوّهمية، أو ما تُسمى بالرجولة المُتخيلة، وده بيرجع لِـطريقة التربية اللِ نشأ عليها، اللِ من أمثلتها الصوت العالي، العُنف المُفرط، الرجل أقوى من المرأة، المرأة هى الطرف الضعيف في المُعادلة (المفعول به) الرجل الطرف الأقوى (الفاعل)، رغبتُه الدائمة في السيطرة، وبإن المرأة فريسة مُهمتُه إنه يصطادها، وفي إعتقاده إن المرأة مخلوقة لإشباع غريزتُه، وإن جسم البنت ده مش ملكها ولا حقها، إن البنت مش زي الولد، إن الولد حقوقُه أكتر من البنت لإنه إتخلق ولد.

    يمكن هو ملوش أي علاقة بالأسباب دي، ويمكن كمان يكون مظلوم ومش ذنبُه إنه نشأ في مجتمع بيقدس مُعتقدات خرقاء زي دي، وإن كونه مترباش على قيم صح صالحة في طفولتُه ده مش خطؤه هوٰ، والأكيد إن اللوم الأكبر في الحالة دي من نصيب الأهل والأسرة اللِ مهتموش بيه، اللِ نسيوا إزاي ياخدوا بالهُم من طفل في يوم من الأيام هيبقى راجل، اللِ كانوا بيدلعوا بس، أو اللِ أهملوا في التربية وإنهم يعرفوه الصح والغلط، والعقاب والجزاء، والحلال والحرام، المُتحرش هو في الأصل ضحية، ضحية لِـمُجتمع معلمهوش الطريق الصح الصعب فَ أختار إنه يسلُك الطريق السهل الغلط.

    ومن جهة أخرى، وجود دوافع إقتصادية حثتُه إنه يعمل كده، زي البطالة مثلًا، وفُقدان إحساسُه بقيمتُه فَ اضطر إنه يرجعها بطريقة تانية، ومشكلات إجتماعية مُختلفة بيواجهها أي شاب في مُقتبل العُمر مُقبل على الجواز، زي الإسكان، وإرتفاع مُعدل مُطلبات الأهل، فَ أصبح الجواز "العلاقة الشرعية" شيء شبة مُستحيل دلوقتي، مما دفعُه لإنه يُشبع شهواتُه بطريقة زي التحرُش أو الإغتصاب، حتى لو هوٰ على دراية بِـعواقب فعلُه.

    لكن في النهاية الأسباب دي مَتقللش من بشاعة فعلُه، وإن التحرُش جريمة يُعاقب عليها القانون، لإن الضحية ملهاش أدنى صِلة بِـمشاكلك النفسية، هى مش مصحة علاج نفسي، لكن إنتَ اللِ محتاج تتعالج وترُوح مصحة تأهيل نفسي.

    إحنا محتاجين نعيد صياغة ومفهوم الرجولة، محتاجين نفهم معنى كلمة "راجـل".

*• التحرُش جريمة.*

*• المُتحرش لازم يتعاقب.*

*• التحرُش ملوش أعذار.*

*• متتجاهليش التحرُش.*

*• متسكُتيش.*

*• إنتِ الضحية.*

*• تعرُضك للتحرُش مش ذنبك.*

*• السكُوت مش ستر.*

*• إحكي، متخافيش.*

*• متطنشيش.*

*• القانون في صفِك.*

*• الدولة معاكِ.*

*• لا للتحرُش.*